ابن خلدون
هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الذي ولد وتوفي في الفترة بين ( 1332- 1406) وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي ، عربي مسلم ، ينتهي نسبه الى وائل بن حجر من عرب اليمن .
أقامت أسرته في تونس ، حيث ولد ونشأ وتعلم بها ثم تنقل في بلاد المغرب والأندلس ، ثم أقام بتلمسان ، وشرع في تأليف تاريخه ، وبعدها عاد الى تونس ، ومنها انتقل الى مصر ، واتصل بسلطانها برقوق ، فولاه القضاء ، انقطع للتدريس و التأليف فأتم كتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر) وهو كتاب له قيمة كبرى بين كتب التاريخ الإسلامي كما أن لمقدمته خطر عظيم لإشتمالها على فصول في أصول العمران ، والنظريات الاجتماعية و السياسية ، وتصنيف العلوم وغير ذلك مما جعل من ابن خلدون مؤسسا لفلسفة التاريخ و علم الاجتماع الذي يقول عنه أنه فرع فلسفي جديد لم يخطر على قلب أرسطو .
قال ابن خلدون في مقدمته : (إن كثيرين قبله حوموا على الغرض ولم يصادفوه ، ولا تحققوا قصده ، ولا استوفوا مسائله) . وأمل ابن خلدون ممن يأتون من بعده أن يستمروا في البحث ، فيتمموا ما فاته من المسائل ، وتحقق أمله بالفعل ولكن على أيدي الفلاسفة الغربيين أمثال فيكو وأوجست..
ولابن خلدون آراء طريفة في التربية فقد خصص الباب السادس ومنها (المقدمة) للبحث في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه ، وسائر وجوهه وتعرض لاختلاف الأمصار الإسلامية في طرق التعليم ، وانتقد البدء بتعليم القرآن والاقتصار عليه ، لأن الأطفال يقرأون مالا يفهمون ، فلا تحصل لهم الملكة اللغوية.
وحاول ابن خلدون أن يرشد الى وجه الصواب في التعليم ، فأشار الى ضرورة إجمال المسائل في البداية ، والتفصيل فيما بعد ، والإعتماد على الأمثلة الحسية.
ومن الموضوعات الطريفة التي تعمق ابن خلدون في دراستها : علاقة الفكر بالعمل وتكوين الملكات والعادات عن طريق المحاكاة والتلقين المباشر والتكرار ، وقد أحسن ابن خلدون في الدعوة للرحمة بالأطفال ، وفي معارضته استعمال الشدة اتجاههم فبين المفاسد الخلقية التي تنجم عن القسوة وقال أن القهر العسف يقضي كلاهما على انبساط النفس ونشاطها ، ويدعو الى الكسل ، ويحمل على الكذب والخبث والمكر والخديعة ، ويفسد معاني الإنسانية ومن المؤسف أن آراء ابن خلدون السديدة في التربية والتعليم ، لم يظهر لها أي تأثير في مجتمعه في العصور التالية.
واستعرض ابن خلدون تاريخ الحركة الفكرية لدى المسلمون وسعى الى الكشف عن العلاقة بين العلوم والآداب من جهة والتطوير الاجتماعي من جهة أخرى ، وأوضح أن التربية ظاهرة اجتماعية و أن التعليم يتطور مع تطور العمران